على الرغم من ان اللوحات الدعائية والصور والعبارات التحذيرية التي أصبحت توضع على علب السجائر في السنوات الأخيرة والتي تهدف الى تحذير الناس من مخاطر التدخين، إلا انها وللأسف لا تؤثر كثيراً في توعيتهم من المضار المترتبة على ذلك، فبعضنا يتجاهلها والبعض الأخر يرسم ابتسامة سخرية حين يقرأها، بل وصل الأمر لدى البعض الى صياغة النكات وتداولها والاستهزاء بهذه التحذيرات الصحية الهامة.
لا شك أن الرجال لا يسألون أنفسهم لماذا نموت قبل السيدات ولماذا معدل أعمارنا أقل منهن ؟ ولكن الخبر السار هنا أن معدل الاعمار لدى الرجال والنساء أصبح متقارب، ففي الثمانينيات بلغ فرق العمر 6.7 سنة وفي هذه الأيام تقلّص الفارق في السن إلى 5 سنوات فقط، فعلى الرغم من أن السرطان يعد الأكثر شيوعاً بين النساء إلا أن الإصابة به لا تقتصر على عمر معين أو جنس محدد، إذ انه يصيب الرجال والنساء وبأعمار مختلفة، وهنا أود التنويه إلى مسألة هامة وهي ان أهم أسباب ارتفاع معدل أعمار السيدات هو اهتمامهن والتزامهن بالفحص المبكر سواءً كان للثدي أو لعنق الرحم، كما ان الوفيات لهذه الأسباب باتت تتضاءل تدريجياً فالكشف المبكر يساهم في تخفيض نسبة الوفيّات بالسرطان تخفيضاً ملحوظاً، بالمقابل لا يوجد لدى الرجال اهتمام كبير بالفحص المبكر للأمراض السرطانية وخاصة البروستاتا والامعاء وكذلك لا يوجد لديهم اهتمام كبير بممارسة الرياضة والابتعاد عن تناول المواد الضارة والاقلاع عن التدخين.
ومع ذلك هناك توجهات ناجحة في دول مختلفة حول العالم فيما يخص وضع برامج توعية صحية متخصصة تسعى لتثقيف الرجال وتشجيعهم على ممارسة الرياضة واجراء الفحوصات المبكرة بشكل دوري، الأمر الذي ساهم في زيادة أعداد الرجال الذين يقومون بزيارة أطباء المسالك البولية لفحص PSA وفحص البروستاتا الشرجي وفحوصات الأمواج الصوتية، وهذا ساعد على الاكتشاف المبكر لسرطان البروستات والخصية وبالتالي جعل فرص نجاح العلاج أفضل بكثير، بل وأدى هذا الى انخفاض نسبي في العلاج بالأشعة أو العلاج الكيماوي، وذلك ناتج عن الاكتفاء بالجراحة والتي أصبحت تُجرى في مراحل السرطان الأولية ولا داعي للجوء لعلاجات أخرى مما أدى إلى انخفاض تكاليف العلاج وتحسين نتائج هذه العلاجات وارتفاع معدل اعمار الرجال، فالفحص المبكر ينقذ حياتهم.
بل ولوحظ أيضاً حدوث تطورات نفسية إيجابية جيدة لدى الرجال بعد التحاقهم ومشاركتهم بهذه البرامج التوعوية، والتشخيص المبكر فقد أصبح حديثهم لا يقتصر على الامراض والاوجاع فحسب بل اصبح ايجابياً ومتجه نحو كيفية الاستفادة والتمتع بالحياة بالإضافة إلى طرق المحافظة على صحتهم، كما واصبح الالمام والمعرفة بأعضاء الجسم ووظائفها وسلامتها أفضل بكثير من السابق.
وأخيراً يتوجب علينا ان لا نغفل عن ذكر أثر التطورات التكنولوجية السريعة في العلوم الطبية والتي انعكست ايجابياً على مستوى الرعاية الصحية سواءً من الناحية التشخيصية أو العلاجية وسهولتها، إلى جانب وجود أخصائيين مؤهلين بمجالات متعددة معنية بصحة الرجل وتوليه اهتمام وعناية خاصة، لذا أصبح توجه الرجال بشكل عام نحو المحافظة على سلامتهم، واتباع تعليمات غذائية وعلاجية مفيدة، والابتعاد عن كل ما يضر بصحتهم، بالإضافة إلى ممارسة الرياضة وزيارة الطبيب لإجراء الفحص البكر بشكل دوري.
التعليقات