علاقة الهرم بالجينات والخلايا الجذعية

13-05-2023
حكيم نيوز
د. فايز ابو حميدان

توفيت السيدة الهولندية هيندريكه شيبر عن عمر يناهز 114 عاماً نتيجة إصابتها بسرطان في المعدة، هذا وقد أوصت قبل وفاتها بالتبرع بأعضائها وجسدها للأبحاث الطبية التجريبية بعد الوفاة، كما وقام خبراء هولنديون بإجراء فحوصات متعددة على جسم تلك السيدة ومنها فحوصات جينية وفحوصات لكامل الأعضاء و عدد الخلايا الجذعية الموجودة لديها. 
وقد تبين من نتائج هذه الفحوصات بأن عدد الخلايا الجذعية مكون فقط من ثلاثة أنواع مقارنةً مع الإنسان الشاب والذي تزيد عنه عدة آلاف من المرات، كما و وُجِدَ أيضاً لديها ان نهاية الكروموسومات في الخلايا والتي تدعى التيلومير "Telomere"  كانت أطول بكثير من كبار السن الآخرين حيث ان طول التيلوميرات يحدد عمر الكائن الحي بشكل تقريبي، وهي مسؤولة عن الحفاظ على الصفات الوراثية عند انقسام الخلية وتكاثرها، الأمر الذي وضع الأطباء في حيرة من أمرهم وجعلهم يطرحون تساؤلات عدة بهذا الخصوص فهل ضعف نظام المناعة والذي يعتمد على عدد الخلايا الجذعية له أهمية في تحديد عمر الانسان أم لا ؟؟ أم أن التيلوميرات هي التي تحافظ على انقسام الخلية وتحافظ على الصفات الوراثية في الكروموسوم ؟؟ والتي ربما تزيد من عمر الانسان، فهي تشبه النهايات البلاستيكية أو النحاسية الموجودة على مرابط خيط الحذاء والتي توجد في نهاية الخيط وتمنع تفككه.
ومن هنا تبين وجود عوامل متعددة في جسم الانسان لها دوراً هاماً في المحافظة على استمرارية تجدد الخلايا وفي حال وجود خلل هنا تتوقف هذه الخلايا عن التجدد مما يُحدث ضرراً بأعضاء الجسم كافة وربما يؤدي هذا إلى عدم مقدرتها على القيام بوظائفها بشكل سليم ويتسبب بموتها وبالتالي موت الانسان، وهناك اعتقاد آخر بأن الخلل في التيلوميرات قد يؤدي إلى حدوث انقسامات خلوية غير منتظمة مما ينتج عنه تكاثر غير منتظم وبالتالي نشوء السرطانات وانتقالها فيما بعد إلى أعضاء وأجزاء أخرى من الجسم. 
هذا وقد أجريت أبحاث علمية مطولة بهذا الخصوص أكدت نتائجها بأن الأشخاص الذين لديهم تيلوميرات طويلة على كروموسوماتهم تكون أعمارهم أطول من غيرهم ذوي التيلوميرات القصيرة. 
وهناك أيضاً أبحاث ودراسات طبية جمة تؤكد أن عمر الخلية يعتمد أيضاً على عوامل الأكسدة داخل الخلية والتي تؤدي أيضاً إلى حدوث خلل في الكروموسومات وهو ما يدعى بالطفرة "Mutation"، ويزيد من فرص نشوء خلايا سرطانية تتكاثر بسرعة فائقة، وهذا العامل لا علاقة له بعدد الخلايا الجذعية أو طول التيلوميترات. 
كما ويلعب وجود الدهنيات في الدم دوراً حاسماً في امكانية الإصابة ببعض الأمراض كأمراض القلب والشرايين لذا فوجودها له أهمية كبيرة بإصابة الإنسان بأمراض القلب وضغط الدم والتي تشكل السبب الأول لحالات الوفاة بشكل عام. 
ويوجد عوامل بيئية وحياتية أخرى لها تأثير على حياة الانسان وامكانية إصابته بالأمراض كنمط الحياة غير الصحي والسلوكيات التغذوية الخاطئة كتناول مواد ضارة مثل الدخان والكحول والاسراف في تناول الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية والدهون والسكريات وعدم ممارسة الرياضة واي أنشطة جسمانية أخرى وعدم المحافظة على الوزن الطبيعي. 
فعلى الرغم من ان كل هذه الأمور آنفة الذكر تنعكس على معدل الأعمار إلا أن أعمار الناس في ازدياد مستمر وهذا يعود أيضاً إلى التطور الطبي الحديث وتنامي الوعي لدى الناس بضرورة الالتزام في اجراء الفحوصات الدورية وأهميتها بالكشف المبكر عن الأمراض حال وجودها وبالتالي يسهل مسألة العلاج و يحسن نتائجها. 
لذا فمن الضروري هنا تعزيز التعاون الدولي فيما يخص التوعية والتثقيف الدائم للمواطنين، واتخاذ الإجراءات الوقائية المتعارف عليها عالمياً لمنع انتقال العدوى بين الدول، فجميع هذه العوامل تقلل من إصابة الناس بالأمراض وبالتالي تساهم في ازدياد معدل أعمارهم وسيصبح بلوغ الناس سن المائة عام في المستقبل أمراً عادياً.

Hakeem-Ads