بثبات وتحد واجه العديد من مرضى السرطان ما يسببه هذا المرض من قلق وخوف وتمكنوا بشجاعة واصرار من هزيمته والعودة الى حياتهم بشكل طبيعي .
تقول احدى الناجيات من هذا المرض ديانا نصار ان الخوف من اي مرض امر طبيعي ، فنحن بشر معرضون للخوف والقلق ، لكن علينا التحلي بالايمان والتفكير الايجابي ، وبالمراحل المتقدمة التي توصل اليها الطب خاصة فيما يتعلق بامراض السرطان ، مشيرة الى ان الاكتشاف المبكر للمرض يعني العلاج الاسرع .
وتشير الى حالة القلق التي انتابتها عندما شعرت بوجود كتلة في الثدي بحجم حبة الحمص ، صلبة ، وغير مؤلمة ، اذ سارعت الى الطبيب لتطمئن على وضعها ,وتبين بعد اجراء الفحوصات انها مصابة بسرطان الثدي .
وتنوه باهمية تعاون الطبيب مع مريض السرطان في طريقة اخباره حول طبيعة مرضه وطريقة العلاج وقالت ان طبيبها شرح لها تفاصيل مرضها وطرق العلاج مضيفة انه في بداية الاصابة شعرت بالصدمة ، واول شيء خطر ببالها الموت ، ولم تكن تعلم عند اصابتها به منذ 13 عاما بان هناك امكانية لمكافحة السرطان والنجاة منه تماما .
وتقول انها كتبت قصة قصيرة للاطفال عن مرض السرطان لاهمية معرفة افراد العائلة ظروف مريض السرطان ، من حيث الغياب المتكرر عن المنزل ومراحل العلاج وتساقط الشعر بحيث تكون بمثابة الاجابة عن تساؤلاتهم التي قد تبرز لديهم . وتضيف ان اصرارها على قهر المرض ورغبتها بان تعيش حياة طبيعية ، جعلها تتحدى الاستسلام فلم تتغيب عن عملها في البنك طيلة فترة العلاج الا يومين .
عميدة كلية التمريض في جامعة آل البيت الدكتورة نجمة العطيات ، المتخصصة في السيطرة على الام السرطان تقول ان خوف المريض مبرر كونه لا يعلم شيئا عن مرضه مبينة ان العديدين يعتمدون على ما يتم تناقله من معلومات وخبرات بين الناس حيث تبقى الخبرات المؤلمة في الذاكرة اكثر ويتم تداولها بشكل مستمر بينهم .
وتعتبر ان امراض ضغط الدم أو السكري مثلا اشد خطورة من امراض السرطان ، اذ ان ارتفاع ضغط الدم ( يعتبر قنبلة موقوتة ) يمكن ان تنفجر بأي لحظة ، وكذلك السكري حيث يرافقان الانسان طيلة حياته ، بينما هناك امكانية وتجارب ايجابية عن اناس تعافوا تماما من السرطان ونجوا منه .
وتشير إلى أن النقطة الرئيسة التي تجعلنا نخاف من السرطان هي عدم وجود علم ودراية واضحة عن ماهية السرطان ، مشددة على اهمية التوعية به وانه بالامكان التعايش معه ومن ثم العلاج منه نهائيا .
وتؤكد الدكتورة العطيات ضرورة توضيح المعتقدات الخاطئة عند البعض ونفيها بنماذج ناجحة ،قائلة انه ليس كل من يصاب بالسرطان يموت مشيرة الى وجود حالات نجت من السرطان منذ اعوام عديدة وتعيش حياة بنوعية جيدة ، وليس كل انواع العلاج الكيماوي يؤدي الى تساقط الشعر ، حيث قمنا ببعض الاجراءات الاحترازية التي تمنع تساقط الشعر جراء بعض انواع الادوية الكيماوية .
وتبين اهمية التعاطي مع كل مريض بشكل فردي ،اذ ان لكل حالة خصوصية قد لا تتناسب مع مريض اخر.
وتقول انه ومن خلال زياراتها الميدانية لبيوت مصابات بالسرطان خاصة سرطان الثدي تبين ان بعض الناس لا يخافون من المرض قدر خوفهم من الشعور بالألم موضحة انه ليس كل انواع السرطانات تسبب ألماً ، فهناك انواع تصل الى مراحل متقدمة دون الشعور بأي ألم . وتبين ان الاحساس بالألم يختلف بحسب الحالة النفسية للفرد ، واوضاعه المادية والاجتماعية ايضا ، وان وجود الداعمين حول المريض ، والقدرة المادية على العلاج تضعفان الشعور بالألم ، والعكس صحيح .
استشاري الامراض النفسية في مستشفى الجامعة الاردنية الدكتور رضوان بني مصطفى يقول ان الخوف من المرض سلاح ذو حدين : فقد يؤدي احيانا بالمريض الى مراجعة اكثر من طبيب ، او قد يمنعه من زيارة الطبيب تفاديا لاكتشاف المرض .
ويضيف ان الاثنين مزعجان لصاحبهما، اذ ان القلق الزائد من المرض يؤدي الى مشكلات للشخص حيث يقضي وقتا اطول ويصرف اموالا اكثر في سبيل اكتشاف مرض ما ويستمر في زيارة اطباء باختصاصات مختلفة للتأكد من الاصابة بمرض ما لتسريع العلاج ، ما يؤدي ايضا الى تعطيل الاطباء .
ويضيف : هناك من يرفض زيارة الطبيب حيث يؤدي خوفه من المرض الى رفض اكتشافه ، وانكار الاصابة به ، بل ايضا عدم الرغبة في سماع خبر سيء ، مؤكدا انه في هذه الحالة تتفاقم المشكلة خاصة اذا كان المرض سرطانا ، ما يعني فوات الوقت الثمين للعلاج .
ويشير الى وجود علاقة وثيقة بين العقل والجسم ، فالعقل له قدرة هائلة على السيطرة والتعامل مع مشكلات الجسم , ما يقوله العقل ينفذه الجسم ، فإذا اعتقد الشخص بان العلاج المستخدم سيزيل الالم ، فان ذلك يسرّع من احتمالية الشفاء , واذا العقل او المريض لم يقتنع بالطبيب او بأسلوب العلاج ، فان عقله يرفض ذلك ، وبالتالي يؤدي الى تقليل فرص الشفاء .
ويشير الى ان الحالة النفسية للمريض بشكل عام مهمة في تسريع الشفاء ، فاذا استسلم الشخص للمرض ،سيتضرر كثيرا، واذا قاومه وكان لديه اعتقاد بانه قادر على قهره ، فان ذلك يحسن وضعه الصحي ويقلل من تقدم المرض، موضحا اهمية ما يسمى بـ ( المناعة النفسية ) .
وينصح الدكتور بني مصطفى المرضى قائلا إن مساعدة النفس وقبول الواقع والتعامل معه بأفضل ما تستطيع ، هو افضل ما يقوم به مريض السرطان تحديدا ، مشيرا الى ان الفرق بين المرضى : ان من بينهم من يرفض ان يكون المرض حجر عثرة امامه ،فيقرر الاستمرار بحياته بشكل طبيعي ، ومنهم من يستسلم للمرض .
وبحسب مسؤول الكشف المبكر عن سرطان الثدي في السجل الوطني للسرطان الدكتور مروان الزغل فقد تم تسجيل حوالي 10652 حالة سرطان ثدي للإناث منذ العام 1996 حتى نهاية العام 2011 .
التعليقات